نشأة تطبيق إتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية في الجزائر
وفاء لمبادئها ومواقفها المؤيدة لعالم خال من أسلحة الدمار الشامل، شاركت الجزائر، بشكل فعال، في المفاوضات التي أفضت إلى إعتماد إتفاقية حظر إستحداث وإنتاج وتخزين وإستعمال الأسلحة الكيميائية وتدمير تلك الأسلحة.
فتح باب التوقيع على الإتفاقية خلال حفل أقيم في باريس (فرنسا) في 13 يناير 1993. وبعد أربع (4) سنوات، في شهر أبريل 1997، دخلت الإتفاقية حيز التنفيذ وتم نشرها في الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، بموجب المرسوم الرئاسي رقم 95-157 المؤرخ في 3 يونيو 1995، ومن ثم المصادقة عليها من طرف بلدنا، بموجب المرسوم الرئاسي رقم 04-447 المؤرخ في 29 ديسمبر 2004.
فور دخول إتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية حيز التنفيذ، قامت الجزائر بوضع هيئة وطنية، ممثلة في اللجنة الوزارية المشتركة المكلفة بتطبيق الإتفاقية، محدثة بموجب المرسوم الرئاسي رقم 97-125 المؤرخ في 26 أبريل 1997، وتم وضعها تحت وصاية وزارة الدفاع الوطني.
دور اللجنة الوزارية المشتركة المكلفة بتطبيق إتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية
بموجب الفقرة 4 من المادة 7 من إتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية، المترجمة بالمرسوم الرئاسي رقم 97-125 المؤرخ في 26 أبريل 1997، تم إنشاء لجنة وزارية مشتركة لدى وزارة الدفاع الوطني، مكلفة بتطبيق الإتفاقية سالفة الذكر، وتتكون، طبقا للمادة 3 من المرسوم المشار إليه أعلاه، من ممثلي الدوائر الوزارية المعنية بتسيير المنتجات والمواد والمعدات التي تدخل في النشاطات الصناعية المتعلقة بإتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية.
تحدد أحكام المادة 2 من المرسوم المذكور أعلاه مهام هذه اللجنة. يمتد دور اللجنة الوزارية المشتركة ليشمل التكفل بإشكالية الأسلحة الكيميائية، بغية تغطية جانبي السلامة والأمن الكيميائيين، من خلال وضع آليات عن طريق لجنة “التحقق والتفتيش” التابعة للجنة الوزارية المشتركة المبينة أعلاه.
علاوة على ذلك، تقوم اللجنة الوزارية المشتركة، سنويا، طبقا لأحكام المادتين 11 و15 من المرسوم التنفيذي رقم 09-159 المؤرخ في 2 مايو 2009 بعمليات التفتيش والتحقق من المنشآت المصرح بها لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، قصد الحرص على الإمتثال الصارم لإلتزامات الجزائر تجاه إتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية.
إلتزامات الجزائر تجاه إتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية
تكلف اللجنة الوزارية المشتركة، بصفة أساسية، بتنسيق كافة العمليات ذات الصلة بتطبيق، على الصعيد الوطني، إتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية وإسقاط أحكام الإتفاقية على التشريع الوطني وكذا الإمتثال لكل إلتماسات منظمة حظر الأسلحة الكيميائية كالتصريحات بالمواد ومواقع الإنتاج و/أو إستعمال المواد الكيميائية، زيادة عن التسيير والمرافقة أثناء عمليات التفتيش التي تقوم بها المنظمة على مستوى هذه المواقع.
فضلا عن ذلك، تمتثل الجزائر، طبقا لأحكام إتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية للإلتزامات الناجمة عن هذه الإتفاقية، لاسيما، إيفاد، في الآجال المحددة، بصفة منتظمة ومستمرة، بتصريح سنوي متعلق بالمواد الكيميائية المدرجة في جداول إتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية والمستعملة في المصانع المتواجدة في إقليمها.
بالإضافة إلى ذلك، يشارك بلدنا، بشكل فعال، في مختلف النشاطات والأشغال المنظمة من قبل منظمة حظر الأسلحة الكيميائية. يتم تجديد عهدة الجزائر في المجلس التنفيذي لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، بصفة منتظمة، وذلك منذ إنشاء المنظمة، في 26 أبريل 1997.
مشاركة الجزائر في مختلف نشاطات منظمة حظر الأسلحة الكيميائية
تنظم اللجنة الوزارية المشتركة، ممثلة بالأمانة التنفيذية، بالتنسيق مع جميع الأطراف الجزائرية الفاعلة، بشكل دوري، أيام دراسية لفائدة المتعاملين الإقتصاديين، الذين ترتبط أنشطتهم بالمواد المدرجة في جداول الإتفاقية، من أجل إعلامهم بإلتزاماتهم تجاه التنظيم، على الصعيد الوطني وكذا الأحكام الجديدة المتعلقة بإتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية، على الصعيد الدولي.
من ناحية أخرى، يُلتمس من بلدنا، بإستمرار، مساعدة الدول الأطراف الإفريقية لإعتماد تشريع وطني ووضع سلطاتها الوطنية في إطار برنامج توجيهي لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية. يرمي هذا البرنامج، الذي تمونه الأمانة التقنية لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، إلى تزويد الدول التي لم تعتمد بعد نصوصا تشريعية بتجربة الدول التي إعتمدتها، سابقًا. وعليه، ساعدت ودربت الأمانة التنفيذية للجنة ممثلي السلطات الوطنية التابعة لكل من النيجر وبوركينافاسو، على سبيل المثال.
خلال السنوات الأخيرة، نظمت بلدنا، بصفة منتظمة، سنويا تقريبا، نشاطات تكوينية حول مختلف الجوانب ذات الصلة بالإتفاقية، لفائدة بلدان من منطقتنا دون الجهوية “شمال إفريقيا والساحل”، على غرار الملتقى الجهوي حول أخذ العينات والتحاليل في وسط جد ملوث، الذي تم تنظيمه في سنوات 2019 و2021-2022 و2025.
مع ذلك، تشارك الإطارات الجزائرية، التابعة، لاسيما، لوزارات الدفاع الوطني، الداخلية (المديرية العامة للأمن الوطني والمديرية العامة للحماية المدنية)، الطاقة، المالية (المديرية العامة للجمارك) والصناعة، بشكل منتظم ومتواصل، في عدد من برامج التدريب والملتقيات المقدمة من قبل منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، التي يتم ضمان تنسيقها ومتابعتها من قبل الأمانة التنفيذية للجنة.
خلال العقدين (2) الأخيرين وبعد المشاركة في التكوينات المنظمة من قبل الأمانة التقنية لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، إكتسبت الجزائر خبرة معتبرة وعززت تجربتها في مجالات السلامة والأمن الكيميائيين والمساعدة والحماية ضد الأسلحة الكيميائية وكذا تحليل المركبات الكيميائية الحربية والمكونات السامة الصناعية، وهو ما يسمح لها بلعب دور رائد جهوي في هذا المجال الحساس.
أيضًا، إقترحت الجزائر، مع بداية سنة 2018، لدى الأمانة التقنية – منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، إستضافة مركز تميز جهوي للتدريب في مجالي المساعدة والحماية ضد الأسلحة الكيميائية. يضطلع هذا المركز بتقديم التدريبات الأساسية والمتقدمة لفائدة مستخدمي الدول الأطراف لمنطقة شمال إفريقيا والساحل، المعنية بالإستجابة لحالات الطوارئ الناجمة عن حوادث إستخدام المركبات الكيميائية للحرب والمواد السامة الصناعية.
الجهود المبذولة لرقمنة العمليات المتعلقة بتطبيق إتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية
في سياق آخر، وتطبيقا لتوجيهات الهيئات العليا للبلاد لرقمنة العمليات، وكذا ضمان فهم أفضل من قبل المتعاملين الإقتصاديين للمفاهيم المرتبطة بإتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية وبغية تسهيل مهمتهم في الوفاء بإلتزاماتهم ذات الصلة بالتصريح، تم تطوير موقع الواب الخاص باللجنة الوزارية المشتركة ووضعه على الإنترنت في 18 سبتمبر 2018، أثناء زيارة السيد فرناندو أرياس، المدير العام لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية إلى الجزائر. يتم تحيين موقع الواب الإلكتروني، آنيًا، ويظل متاحًا لكافة المتعاملين. يقدم معلومات ذات قيمة مضافة للجمهور وبشكل خاص، للمتعاملين الإقتصاديين الجزائريين. كما يزود في الوقت ذاته ولوجا سهلا وسريعا للمعلومات المتعلقة بإتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية.
يسمح موقع الواب للمتعاملين الإقتصاديين الجزائريين بإرسال، عبر الأنترنت، بإستخدام نموذج إلكتروني، بكل أمن وسرية، إلى اللجنة الوزارية المشتركة، تصريحاتهم السنوية حول نشاطاتهم المتعلقة بالمواد الكيميائية (الإستيراد، التخزين، التحويل، الإنتاج و/أو الإستخدام).
تنظيم تمرين “ Chemex Africa “
نظمت الجزائر، أيضًا، وللمرة الأولى، بالتنسيق مع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية خلال السداسي الثاني لسنة 2023، تمرينًا متعدد المكونات، موسوم “Chemex Africa”، موجه لتعزيز قدرات التدخل في حالات الطوارئ الكيميائية، لفائدة منطقة إفريقيا.
يهدف تمرين “Chemex Africa” إلى المساهمة في الحد من الحوادث والهجمات الكيميائية التي تنطوي على الأسلحة الكيميائية والمواد الكيميائية السامة وتحسين التحضير لمجابهتها في المجموعة الإقتصادية لدول غرب إفريقيا والمجموعة الإقتصادية لدول وسط إفريقيا ومجموعة التنمية لإفريقيا الجنوبية.
أعد التمرين لترقية التآزر عبر التعاون “جنوب – جنوب” المثبت في هذا المجال بمشاركة مدربي مجموعة شرق إفريقيا وكذا الفرق التقنية لشمال إفريقيا والساحل والهيئة الحكومية للتنمية. كما يهدف إلى تعزيز الدعم التقني في مجال المساعدة والحماية فيما يتعلق بإستخدام أو التهديد بإستخدام الأسلحة الكيميائية أو المواد الكيميائية السامة.
في الأخير، لن تدخر الجزائر، من خلال موقفها الريادي الجهوي في هذا المجال وحرصها على ترقية التعاون “جنوب – جنوب”، أي مجهود لمواصلة تقديم مساهمتها في النشاطات التي تنظمها منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، لضمان تبادل المعارف والخبرات وتجربتها مع جميع بلدان منطقة شمال إفريقيا والساحل.